منذ وصوله الى البيت الأبيض، والجميع يعلم انه جاء متأخرا للغاية، فالرئيس الأميركي جو بايدن حصل على فرصته في تولى السلطة في أمريكا وهو على مشارف الثمانين عاما ، وعلى مدى فترة حكمة من 2021، وحتى الان يكاد لا يمر اسبوعا الا وهناك هفوة او سقطة او ارتباك يصدرها الرئيس امام العامة والخاصة. في البداية حاول البيت الأبيض إيجاد المبررات لاقناع العالم ان بايدن " تمام جدا" ، ولكن مع التكرار انتهت كل الحجج ولم يبقي سوى حقيقة واحدة فقط هي ان الرجل يعانى أمراض الشيخوخة وربما الخرف، وهى امراض طبيعية لمن في مثل سنه، وليس هناك اى مبرر للتشفي او الانتقام. ولكن الامر المهم اوالمثير ان هذا الرجل المسن يقود نصف العالم تقريبا وعليه ان يقرر ويحدد مصير مئات الملايين من الشعوب والعشرات من الدول التي تدور في الفلك الأمريكي ، وهى مهمة اكثر من صعبة على الشخص الطبيعي فما بالك ببايدن الذى دخل الان في الحقبة التاسعة من العمر.
حالة بايدن هي مأساة، في المقام الأول لنفسه. لقد وصل إلى ذروة حياته، ومع ذلك لا يمكنه الوفاء بها. مثل لاعب مصاب في بداية الشوط الثاني، يعرج بعناد إلى الصافرة النهائية. إنه أمر مأساوي أيضا لعائلته، التي ترى منارة عائلتهم تتحول بسرعة إلى مصدر للإحراج. لكن المشكلة الرئيسية والفريدة من نوعها مع الخرف هي التجاهل، والتماهى مع تداعيات هذا الوضع بما يهدد بفقدان احترام الذات، ومحو الهوية السابقة، والغرق البطيء في ظلام النسيان.
بعد المناظرة الكارثية التي جمعته مع عدوه اللدود دونالد ترامب بدات الأصوات تتعالي بين الأمريكيين ومنهم قيادات في الحزب الديمقراطي بنداء واحد- جو، حان الوقت للعودة إلى المنزل – حتى الان يمكن ان تدرك بسهولة ان الرئيس يقع تحت سيطرة عدد من الأشخاص في مقدمتهم زوجته التي تحثه على الاستمرار في منصبه، بالإضافة إلى الرئيس الأسبق باراك أوباما الذى بدا وكانه اصبح ميالا لانسحاب جو وترك المهمة لنائب الرئيس كاميلا هاريس.
قبل أيام انضم أربعة أعضاء ديمقراطيين آخرين في الكونغرس إلى الجوقة المتنامية التي تدعو الرئيس جو بايدن إلى التنحي جانبا في السباق الرئاسي لعام 2024، وأعرب الممثلون آدم سميث من واشنطن، وجيري نادلر من نيويورك، ومارك تاكانو من كاليفورنيا، وجو موريل من نيويورك، وجميعهم يشغلون مناصب عليا في لجان الكونغرس الرئيسية، عن اعتقادهم بأن بايدن يجب أن ينسحب من السباق. وبذلك يصل العدد الإجمالي للمشرعين الديمقراطيين الذين يشككون علنا في ترشيح بايدن إلى ما يقرب من اثني عشر.
في حين توقف بعض المشرعين عن الدعوة صراحة إلى انسحاب بايدن، فقد أعربوا عن مخاوف كبيرة بشأن فرص الديمقراطيين في نوفمبر مع الرئيس البالغ من العمر 81 عاما ، قائلين إن نائب الرئيس كاميلا هاريس سيكون مرشحا أفضل.
على الرغم من الضغط المتزايد، ظل بايدن متحديا بشأن الدعوات له لمغادرة السباق. في مقابلة مع شبكة إيه بي سي نيوز، رفض الرئيس فكرة التنحي جانبا، قائلا إن "الرب القدير" فقط هو الذي يمكن أن يجعله يعيد النظر. ورغم انها عبارة تجزم بعدم نيته الانسحاب ، الا انها أيضا تترك الباب مفتوحاً لامكانية حدوث متغير ما في اللحظات الأخيرة من سباق الرئاسة.
على الجانب الآخر لم يترك منافسه دونالد ترامب اى فرصة للسخرية من بايدن ،وواصل ترامب اعتداءه اللفظي، على احتمالات ترشح كاميلا قائلا: "هذا يعني أن لدينا كامالا. إنها سيئة جدا، إنها مثيرة للشفقة جدا. هل يمكنك أن تتخيل ذلك الرجل -بايدن- يتعامل مع بوتين ورئيس الصين."
وسائل إعلام أمريكية تؤكد إن كبار الديمقراطيين في إدارتي أوباما وكلينتون السابقين يجرون استطلاعات للضغط علنا على بايدن للانسحاب.ووفقا لموقع أكسيوس، قال المشرعون الديمقراطيون، حول مؤتمر بايدن: لو كانت المناظرة مع دونالد ترامب بهذه الطريقة، لما تصاعد أمر أهليته للبقاء في السباق الرئاسي خلال الأسبوعين الماضيين. مشيرين إلى أن بايدن كان متماسكا لكن "الزلات التي ارتكبها" تطغى على كامل الأداء.
ويجري الكثيرون محادثات مع المشرعين لدفع قادتهم للضغط على بايدن ودائرته الداخلية من أجل الانسحاب من السباق الرئاسي، خصوصا وأنهم يعلمون أن "بايدن وعائلته يبدون غير قابلين للتغيير"، لذا فهم يأملون في استخدام القوة الساحقة من قبل أسرة أوباما وكلينتون وتشاك شومر وجيفريز ونانسي بيلوسي.
وعلى جبهة المانحين، التي تمثل العمود الفقري لحملة اى مرشح، فقد هددوا بتجميد ما يقرب من 90 مليون دولار من أموال التبرعات لحملة بايدن الانتخابية، ويعتبر النجم جورج كلوني، الذي ترأس أكبر حملة لجمع التبرعات في تاريخ الحزب الديمقراطي الشهر الماضي، الصوت الرائد لعدد متزايد من نجوم هوليوود الذين يريدون من بايدن إنهاء ترشيحه. وتضم هذه الجبهة ريد هاستينغز، المؤسس المشارك لمنصة نتفليكس والرئيس التنفيذي لشركة "إنديفور" آري إيمانويل. كما تضم عددا من الليبراليين، مثل ستيفن كولبيرت، الذي أدار حملة جمع تبرعات كبيرة لبايدن في مارس الماضي، حيث يضغط بقوة على بايدن لكي يتنحى جانبًا، وهناك أيضا جون ستيوارت الذي قام بتصعيد مناشداته من أجل اختيار مرشح آخر غير بايدن.
ومع استمرار هفوات وسقطات بايدن واخرها كان قبل أيام في مؤتمر الناتو حينما وصف ترامب بنائبه بدلا من كاميلا، وقدم الرئيس الاوكرانى بصفته الرئيس بوتين، تتوسع "الشبكة المناهضة لبايدن" يومًا بعد يوم، تنتشر الكثير من الأخبار والتعليقات بأن الديمقراطيين سيقدمون مرشحا جديدا في القريب.
على كل الأحوال ومن قراءة الأحداث الجارية في واشنطن ، مازال امام بايدن 4 اشهر على الأقل حتى يحين موعد الانتخابات الرئاسية، ومن المؤكد ان اعين الجميع داخليا وخارجيا ستكون مسلطة على كل شاردة وواردة من بايدن فيما تبقي من فترته، وطوال هذه المدة ستتكرر الهفوات والسقطات بلا شك خاصة اذا اخذنا في الاعتبار حجم الضغوط التي ستمارس على الرجل سواء على مستوى الحزب الديمقراطي أو وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة ، لذا فان التغيير قادم لا محالة ، والا فان البديل سيكون سقوط الديمقراطيين ربما لسنوات قادمة.